إن
هذا الدين هو رسالة الله الخاتمة التي بعث بها محمدا صلى الله عليه وسلم
إلى الناس كافة، ولقد حدد رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم الغايات العظمى
من بعثته فكان من أعظم هذه الغايات ما أخبر به في حديثه الثابت عنه: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).
يقول الشيخ الغزالى رحمه الله: (فكأن
الرسالة التي خطت مجراها في تاريخ الحياة، وبذل صاحبها جهدا كبيرا في مد
شعاعها وجمع الناس حولها، لا تنشد أكثر من تدعيم فضائلهم، وإنارة آفاق
الكمال أمام أعينهم، حتى يسعوا إليها على بصيرة...
والعبادات
التي شرعت في الإسلام واعتبرت أركانا في الإيمان به ليست طقوسا مبهمة...
وحركات لا معنى لها، كلا فالفرائض التي ألزم الإسلام بها كل منتسب إليه،
هي تمارين متكررة لتعويد المرء بأن يحيا بأخلاق صحيحة، وأن يظل مستمسكا
بهذه الأخلاق مهما تغيرت أمامه الظروف).
العبادات تقوي في النفس مكارم الأخلاق.
إن من استقراء أدلة الكتاب والسنة ليبرهن على أن العبادة الحقة لابد أن يكون لها أثر في نفس صاحبها وأخلاقه وسلوكه.
فالصلاة
هى أهم ركن من اركان الاسلام بعد التوحيد والتي لها منزلتها الخاصة في
الإسلام بيّن الله عز وجل شيئا من الحكم التي من أجلها شرعت فكان من هذه
الحكم أنها تنهى أهلها عن الفحشاء والمنكر كما قال الله عز وجل: {اتْلُ
مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ
تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ
وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}... (العنكبوت : 45).
ولما
أُخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن امرأة تقوم الليل ولكنها إذا أصبحت آذت
جيرانها قال: (هي في النار) فكأن حقيقة الصلاة أنها تزكية للنفس وتطهير
لها من الأخلاق الرديئة والصفات السيئة، فمن ينتفع بصلاته في هذا الجانب
فكأنه لم يستفد أعظم ثمرات الصلاة.
أماالصيام
فإنه كذلك تهذيب للنفوس وحرمان لها من شهواتها المحظورة ونزواتها قبل أن
يكون حرمانا لهذه النفوس من الأطعمة والأشربة والشهوات المباحة.
ولأجل هذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه).
ويذكر القرآن ثمرة الصوم العظمى فيقول الله عز وجل: {يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ
عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}... (البقرة : 183).
وفي نفس السياق يبين النبي صلى الله عليه وسلم أن من صام امتثالا لله عز وجل ينبغي أن يتميز بأخلاقه وحلمه: (فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل : إني امرؤ صائم).
إننا
نرى في واقعنا فئات من الناس تقوم بعكس ذلك تماما، تراهم إذا صاموا ضاقت
صدورهم، وساءت أخلاقهم، ولأول عارض من خلاف تراهم يثورون ويغضبون ويسيئون،
فإذا عوتبوا اعتذروا بأنهم صائمون!!
فهل حقق هؤلاء الثمرة من الصيام؟ وهل امتثلوا التوجيه النبوي الكريم؟.
وإذا نظرت إلى الزكاة
وجدتها في أصلها تطهيرا للنفس من أدران البخل والشح، وتعويداً للنفس على
السخاء والجود وقضاء حوائج الناس والشعور بأزماتهم، ولهذا قال الله عز
وجل: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا}... (التوبة: 103) .
إنها
بهذا المعنى ليست ضريبة تؤخذ من الناس على كره منهم بل هي غرس لمشاعر
الحنان والرحمة والرأفة، وتوطيد لعلاقات التعارف والألفة بين أبناء
المجتمع.
أما الحج
الذي كلف به المستطيع من المسلمين فإنه ليس مجرد رحلة إلى هذه البقاع
المقدسة التي تهفو إليها قلوب المؤمنين وفقط، بل هو في أساسه رحلة إيمانية
مليئة بمعاني الكمال الإيماني والرقي الروحي والسمو الأخلاقي، ولهذا قال
الله عن هذه الشعيرة: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ
مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ
وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ
اللَّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ
يَا أُولِي الأَلْبَابِ}... (البقرة:197).
وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه: (السكينة السكينة)، ووجههم إلى ضرورة التحلي بحسن الخلق في حجهم وبشرهم على ذلك بالأجر العظيم: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه).
هذه
هي عبادات الإسلام العظام نتبين من خلال ما سبق من استعراض الأدلة الواردة
في فضلها والحث عليها متانة وقوة العلاقة بين الدين والخلق، بين العبادة
والسلوك.
إن هذه العبادات وإن كانت متباينة في جوهرها ومظهرها، لكنها تلتقي عند الغاية التي رسمها الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).
يقول الشيخ الغزالي رحمه الله :
فالصلاة والصيام والزكاة والحج،
وما أشبه هذه الطاعات من تعاليم الإسلام، هي مدارج الكمال المنشود، وروافد
التطهر الذي يصون الحياة ويعلي شأنها، ولهذه السجايا الكريمة التي ترتبط
بها أو تنشأ عنها أعطيت منزلة كبيرة في دين الله، فإذا لم يستفد المرء
منها ما يزكي قبله وينقي لبه، ويهذب بالله وبالناس صلته فقد هوى.
نسأل الله الكريم أن يجعل ما نقول ونفعل حجة لنا لا علينا وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه أجمعين
هذا الدين هو رسالة الله الخاتمة التي بعث بها محمدا صلى الله عليه وسلم
إلى الناس كافة، ولقد حدد رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم الغايات العظمى
من بعثته فكان من أعظم هذه الغايات ما أخبر به في حديثه الثابت عنه: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).
يقول الشيخ الغزالى رحمه الله: (فكأن
الرسالة التي خطت مجراها في تاريخ الحياة، وبذل صاحبها جهدا كبيرا في مد
شعاعها وجمع الناس حولها، لا تنشد أكثر من تدعيم فضائلهم، وإنارة آفاق
الكمال أمام أعينهم، حتى يسعوا إليها على بصيرة...
والعبادات
التي شرعت في الإسلام واعتبرت أركانا في الإيمان به ليست طقوسا مبهمة...
وحركات لا معنى لها، كلا فالفرائض التي ألزم الإسلام بها كل منتسب إليه،
هي تمارين متكررة لتعويد المرء بأن يحيا بأخلاق صحيحة، وأن يظل مستمسكا
بهذه الأخلاق مهما تغيرت أمامه الظروف).
العبادات تقوي في النفس مكارم الأخلاق.
إن من استقراء أدلة الكتاب والسنة ليبرهن على أن العبادة الحقة لابد أن يكون لها أثر في نفس صاحبها وأخلاقه وسلوكه.
فالصلاة
هى أهم ركن من اركان الاسلام بعد التوحيد والتي لها منزلتها الخاصة في
الإسلام بيّن الله عز وجل شيئا من الحكم التي من أجلها شرعت فكان من هذه
الحكم أنها تنهى أهلها عن الفحشاء والمنكر كما قال الله عز وجل: {اتْلُ
مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ
تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ
وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}... (العنكبوت : 45).
ولما
أُخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن امرأة تقوم الليل ولكنها إذا أصبحت آذت
جيرانها قال: (هي في النار) فكأن حقيقة الصلاة أنها تزكية للنفس وتطهير
لها من الأخلاق الرديئة والصفات السيئة، فمن ينتفع بصلاته في هذا الجانب
فكأنه لم يستفد أعظم ثمرات الصلاة.
أماالصيام
فإنه كذلك تهذيب للنفوس وحرمان لها من شهواتها المحظورة ونزواتها قبل أن
يكون حرمانا لهذه النفوس من الأطعمة والأشربة والشهوات المباحة.
ولأجل هذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه).
ويذكر القرآن ثمرة الصوم العظمى فيقول الله عز وجل: {يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ
عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}... (البقرة : 183).
وفي نفس السياق يبين النبي صلى الله عليه وسلم أن من صام امتثالا لله عز وجل ينبغي أن يتميز بأخلاقه وحلمه: (فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل : إني امرؤ صائم).
إننا
نرى في واقعنا فئات من الناس تقوم بعكس ذلك تماما، تراهم إذا صاموا ضاقت
صدورهم، وساءت أخلاقهم، ولأول عارض من خلاف تراهم يثورون ويغضبون ويسيئون،
فإذا عوتبوا اعتذروا بأنهم صائمون!!
فهل حقق هؤلاء الثمرة من الصيام؟ وهل امتثلوا التوجيه النبوي الكريم؟.
وإذا نظرت إلى الزكاة
وجدتها في أصلها تطهيرا للنفس من أدران البخل والشح، وتعويداً للنفس على
السخاء والجود وقضاء حوائج الناس والشعور بأزماتهم، ولهذا قال الله عز
وجل: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا}... (التوبة: 103) .
إنها
بهذا المعنى ليست ضريبة تؤخذ من الناس على كره منهم بل هي غرس لمشاعر
الحنان والرحمة والرأفة، وتوطيد لعلاقات التعارف والألفة بين أبناء
المجتمع.
أما الحج
الذي كلف به المستطيع من المسلمين فإنه ليس مجرد رحلة إلى هذه البقاع
المقدسة التي تهفو إليها قلوب المؤمنين وفقط، بل هو في أساسه رحلة إيمانية
مليئة بمعاني الكمال الإيماني والرقي الروحي والسمو الأخلاقي، ولهذا قال
الله عن هذه الشعيرة: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ
مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ
وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ
اللَّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ
يَا أُولِي الأَلْبَابِ}... (البقرة:197).
وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه: (السكينة السكينة)، ووجههم إلى ضرورة التحلي بحسن الخلق في حجهم وبشرهم على ذلك بالأجر العظيم: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه).
هذه
هي عبادات الإسلام العظام نتبين من خلال ما سبق من استعراض الأدلة الواردة
في فضلها والحث عليها متانة وقوة العلاقة بين الدين والخلق، بين العبادة
والسلوك.
إن هذه العبادات وإن كانت متباينة في جوهرها ومظهرها، لكنها تلتقي عند الغاية التي رسمها الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).
يقول الشيخ الغزالي رحمه الله :
فالصلاة والصيام والزكاة والحج،
وما أشبه هذه الطاعات من تعاليم الإسلام، هي مدارج الكمال المنشود، وروافد
التطهر الذي يصون الحياة ويعلي شأنها، ولهذه السجايا الكريمة التي ترتبط
بها أو تنشأ عنها أعطيت منزلة كبيرة في دين الله، فإذا لم يستفد المرء
منها ما يزكي قبله وينقي لبه، ويهذب بالله وبالناس صلته فقد هوى.
نسأل الله الكريم أن يجعل ما نقول ونفعل حجة لنا لا علينا وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه أجمعين